شركات “التسويق الهرمي” تستغل السوريين في تركيا بأوهام كبيرة

هل أنت صاحب قرار وتريد أن تحقق أحلامك بسرعة وتكسب الملايين؟”، سؤال يبدأ بطرحه “الأستاذ” أو “الخبير”، كما يطلقون عليه، لمحاولة إقناع أحد الأشخاص بالانضمام إلى شركة تقوم على بيع منتجاتها عبر طريقة التسويق الهرمي، على غرار شركة (… النصّابة) التي انتشرت بين اللاجئين السوريين في تركيا.

الحديث عن الشركة وآلية عملها وكيفية إقناع الكثير من الشباب وجذبهم ليس جديدًا، إذ تزخر شبكة الإنترنت بعشرات المقالات التي تتحدث عن خطر التعامل مع هذا النوع من الشركات وتحذّر منها.

لكن انتشارها الواسع بين السوريين اللاجئين في تركيا وخاصة فئة الشباب في الأشهر الأخيرة، كان دافعًا للبحث في آليات عملها وكيفية الربح والخسارة، وما هي الطرق التي تحتال الشركات فيها على العملاء.

الفقراء هم المستهدفون

في الأشهر الأخيرة أصبح الانضمام إلى شركة (… النصّابة) حديث الشباب السوري في الأماكن العامة والمقاهي ووسائل النقل التركية، وكيف يمكن تحقيق أموال كبيرة خلال فترة قصيرة دون بذل جهد سوى دفع مبلغ من المال لـ”رأس الهرم”، والحصول على عمولة عن كل شخص يتم إحضاره للانضمام للشركة.

آمال عويدات، تنحدر من درعا وتقيم في اسطنبول وهي إحدى ضحايا الشركة، قالت إن البداية كانت من خلال صديقاتها المقربات اللواتي طلبن منها شراء منتجات من الشركة، ثم إقناع أشخاص آخرين من الطبقة الفقيرة لشراء المنتجات بحجّة مساعدتهم وتغيير أحوالهم المادية.

وأضافت عويدات أن الشكّ دخل إلى قلبها من التعامل مع هذه الشركة في بادئ الأمر، لكن صديقاتها طلبن منها لقاء المسؤول الكبير، المسمى “الخبير”، والذي يملك قدرة كبيرة على الإقناع.

وطلبت عويدات التأكد من الشركة وطريقة عملها، فطُلب منها زيارة مقرها في منطقة “شيشلي” في اسطنبول، وأبرزوا لها الوثائق التي تؤكد عملهم النظامي كشركة تقوم على “التسويق الشبكي” الذي يعتمد بيع منتج حقيقي عن طريق مندوبين، وليس “الهرمي” الذي يعتمد فيه الوكيل على عمولة ترتفع كلما وفّر عددًا أكبر من العملاء في سلسلته الهرمية.

وأبرز أعضاء الشركة لعويدات تسجيلات لفتاوى بعض العلماء يفتون بأن التعامل مع الشركة ذات التسويق الشبكي لا بأس به وحلال.

وعندما تردّدت عويدات حول العمل مع الشركة، تحول من يناقشها إلى استغلال وضعها المادي، وإيهامها بالمبالغ المالية الكبيرة التي يمكن أن تجنيها من خلال التعامل مع الشركة خلال فترة وجيزة، وفي النهاية تم إقناعها لتبدأ مرحلة استدانة الأموال لشراء المنتجات.

عويدات أشارت إلى أنها استدانت المال من أمها، واشترت بعض منتجات الشركة.

وبعد دفع المبلغ بدأت رحلة البحث عن أشخاص آخرين لإقناعهم بالانضمام، من أجل أخذ عمولة عليهم، ولتدريبها على الإقناع طُلب منها أن تحضر مؤتمرًا في مدينة أنطاكية التركية لمدة ثلاثة أيام.

وقالت عويدات إن المئات من الشباب، أغلبهم سوريون، كانوا موجودين في المؤتمر، وتلقوا فيه محاضرات في التنمية البشرية وكيفية مخاطبة العقل اللاوعي وإقناع الآخرين، كما وزعوا كتابًا بعنوان “المليونير الفوري” للكاتب الأمريكي مارك فيشر.

وفي الوقت الذي كانت تتمنى فيه الضحيّة أن يتحوّل الوهم إلى حقيقة وكسب الملايين، وبدأت تفكّر بأنها ستشتري البيت الذي تستأجره، أيقنت مع مرور الزمن أنها وقعت ضحيّة نصب واحتيال، إذ لم يكن بمقدورها أن تحضر سوى شخصين للانضمام للشركة، وبالتالي لم تأخذ عمولة سوى مبلغ تافه من أصل المبلغ الذي دفعته.

إقناع ثم إجبار ثم خسارة

انطلقت شركة (… النصّابة) في ماليزيا عام 1998 على شبكة الإنترنت، وتعرّف نفسها عبر موقعها بأنها واحدة من أبرز شركات البيع المباشر في قارة آسيا، ويصب اهتمامها على مساعدة الشعوب على الارتقاء والنهوض من خلال حلول تهدف إلى توسعة الأعمال الحرة وتعزيز أنماط العيش، ورفع مستوى الحياة بالنسبة لموزعي الشركة ولأسرهم ومجتمعاتهم، وكذلك مساعدة الآخرين على تحقيق أحلامهم.

وبحسب موقع عنبي بلدي فقد أكد الباحث الاقتصادي يونس الكريم، أن عمل الشركة يقوم على التسويق الهرمي، وهي عملية نصب واحتيال تقوم على نقل الخسارة من شخص إلى آخر…

كما أن عمل الشركة، بحسب الكريم، يقوم على بيع منتج “للضحية” على أنه منتج حصري بسعر أغلى من سعره الحقيقي في السوق المحلي بأضعاف كثيرة.

الشركة تجبر الشخص على شراء منتجها بالسعر المرتفع كشرط لبدء العمل لديها، وبمجرد شراء المنتج يحصل الشخص على صفة وكيل، ليبدأ بإقناع آخرين للانضمام للشركة، من أجل الحصول على عمولة ليعوّض المبلغ الذي دفعه.

فعملية الربح تقوم على مضاعفة عدد الأشخاص، وهذا ليس بالسهل كما يروّج البعض، ويحتاج إلى وقت طويل وصبر، وبالتالي يصل الشخص بعد فترة من الزمن إلى درجة الملل، خاصة إذا كان آخر شخص في السلسلة الهرمية.

أما بعض الأشخاص الذين يحققون أرباحًا هم الصف الثاني من الهرم، بحسب الكريم، الذي أكد أنهم يأخذون أموالًا كثيرة من مسؤولي الشركة، من أجل إحداث تغيير جذري في حياتهم سواء عن طريق اللبس أو شراء سيارة، ويكون ذلك واضحًا للآخرين وخاصة الأقرباء والأصدقاء، ليكون وسيلة لإقناعهم بالانضمام إلى الشركة.

 كسب الملايين “ وهم

الشركات التي تعتمد التسويق الهرمي تستهدف العاطلين عن العمل، وأصحاب الدخل المحدود، الذين يحلمون بكسب مبالغ مالية كبيرة خلال فترة قصيرة، إضافة إلى خريجي الجامعات حديثًا.

أما في تركيا فإنها تستغل أوضاع اللاجئين السوريين الذين يعملون ساعات طويلة تصل إلى 12 و14 ساعة في اليوم الواحد، بحسب ما قاله عامر إبراهيم، وهو شاب سوري يقيم في اسطنبول.

وقال الشاب إن الواقع المعيشي الصعب للاجئين جعلهم ضحية نصب واحتيال لهذه الشركات، في ظل غياب التوعية والتحذير من قبل المسؤولين أو الإعلام أو علماء الدين، كون التعامل مع هذه الشركات يعتبر محرّمًا في الإسلام.

إبراهيم أوضح أن صديقه في السكن الشبابي، الذي يعمل في أحد المعامل التركية 12 ساعة يوميًا، انضم إلى الشركة (… النصّابة) رافضًا نصيحة منه وشرحًا حول طريقة العمل، بسبب الأحلام الكبيرة والوهم الذي زرعه “الخبير” في عقله بأنه سيصبح مليونيرًا خلال فترة قصيرة.

الشرع يحرّم.. قمار وربا

أصدرت إدارات الإفتاء التابعة لوزارة الأوقاف في عدة دول، ومفتي دمشق عبد الفتاح البزم… فتاوى حرّمت التعامل مع هذه الشركات.

كما أصدرت “رابطة علماء الشام” في اسطنبول، فتوى أكدت فيها أن الانتساب إلى هذه الشركات حرام، لأن “في حقيقته أكل لأموال الناس بالباطل، لأن برنامج التسويق الشبكي لا ينمو إلا في وجود من يخسر لمصلحة من يربح، وبدون الخسارة اللازمة للمستويات الأخيرة لا يمكن تحقيق العمولات الخيالية للمستويات العليا التي هي مقصود البرنامج، فإذا توقف عند مستوى معين كانت المستويات الأخيرة من الأعضاء هي الخاسرة، والمستويات العليا هي الرابحة، والمستويات الأخيرة أضعاف أضعاف المستويات العليا، وهذا يعني أن الأكثرية هي التي تخسر لكي تربح الأقلية”.

الفتوى صنّفت التعامل مع الشركة بأنه من القمار لأن مقصود أعضاء التسويق “الهرمي” هو الاشتراك في التسويق وليس المنتجات، ونجاح العضو المسوِّق في توفير أشخاص على يمينه وشماله أمر مشكوك فيه، وهكذا المستوى الذي بعده وبعده، كل ذلك مشكوك فيه، وهذا عين القمار.

كما صنفتها من الربا لأن المستويات العليا تحصل على أرباح المستويات السفلى دون بذل أي جهد أو عمل، وهذا عين الربا فالمرابي يحصل على أرباح هائلة دون بذل عمل.

الفرق بين التسويق الشبكي والهرمي

يختلف التسويق الهرمي عن التسويق الشبكي من حيث المنتجات والربح، رغم أن كثيرين يعتقدون أنهما متشابهان ويدخلان ضمن عمليات النصب والاحتيال.

التسويق الشبكي هو طريقة تسويق بديلة للتسويق التقليدي، ويقوم على ترويج منتجات شركة معينة عن طريق مندوبي مبيعات أو عن طريق المستهلك نفسه، مقابل عمولات ووفق نظام واضح محدّد سلفًا، أي يمكن للمسوّق أن يأخذ عمولة عن كل منتج يبيعه لأقربائه أو أصدقائه.

أما التسويق الهرمي فيقوم على بيع منتج بكلفة عالية للمسوّق الهرمي (الوكيل)، ثم تطلب الشركة منه أن يوفّر زبائن آخرين يسجلون باسمه، ليحصل على أرباح تزيد كلما ازدادت شبكته الهرمية، وليس من سعر المنتج أو زيادة البيع.

يمكنكم مشاهدة هذا الفيديو:التسويق الشبكي والهرمي.. نصب واحتيال أم تجارة مشروعة | طوق نجاة

وأيضاً هذا الفيديو:فقه المال.. أحكام التسويق الشبكي والهرمي

Contact Us

Subscribe to our Newsletter

@2023 – All Right Reserved. Designed and Developed by AATWorld

About Us

Here in the AAT Group, Traders, Businessmen, Manufacturers, Importers, and Exporters get to know each other and cooperate despite the distances, countries, and different languages.

Feature Posts

Newsletters

Never Miss an Offer

Join our mailing list to receive the latest product news and industry updates from AAT World.

@2023 – All Right Reserved. Designed and Developed by AATWorld