مهارات فهم الإعلام وفن التأثير به… مراجعة كتاب: التربية الإعلامية، كيف نتعامل مع الإعلام؟

بقلم: رضوى التركي

الكتاب ومؤلفه

مؤلف الكتاب هو الأستاذ فهد بن عبد الرحمن الشميمري، ولد في عام 1970م، تخرج من جامعة الملك سعود بالرياض، بكالوريوس تخصص الحاسب الآلي عام 1992م، تولى مهمة الأمين العام للهيئة الإسلامية العالمية للإعلام التابعة لرابطة العالم الإسلامي بين عامي 2003-2005م، أنتج العديد من البرامج التلفزيونية، وقام بتأسيس شبكة قنوات المجد الفضائية وكان رئيسا لمجلس إدارتها ورئيسا تنفيذيا لمدة عشر سنوات.

يحاول الأستاذ فهد من خلال كتابه المهم توضيح الكيفية الصحيحة التي يمكن من خلالها القيام بإنشاء إعلام عربي هادف متكامل الجوانب، يواكب المعايير والضوابط الإعلامية المتعارف عليها بشكل عالمي، مع الاحتفاظ بجانب القيم والتقاليد الخاصة بمجتمعاتنا العربية والإسلامية.

جاء الكتاب في 306 صفحة من الحجم الكبير، وقام المؤلف بتقسيم الكتاب إلى خمسة أبواب أساسية، وتحت كل باب فصول يختلف عددها من باب إلى آخر حسب الحاجة.

المقدمة

مقدمة هذا الكتاب لم تأت مبسطة، بل جاءت غنية بالعديد من المفاهيم والمصطلحات الهامة، التي تساعد القارئ في البداية على تكوين أرضية ثابتة فيما يتعلق بالجوانب الأساسية لعملية التربية الإعلامية.

وقد بدأ ذلك بتوضيح المقصود بالتربية الإعلامية والتي تعني ببساطة خالية من الزوائد: «مهارة التعامل مع الإعلام»، وقد ظهر هذا المفهوم للمرة الأولى في أواخر الستينات، وكان الهدف الأساسي منه هو استخدام وسائل الاتصال والإعلام كوسائل تعليمية، ومع حلول السبعينات أصبح ينظر إلى التربية الإعلامية بوصفها مشروع دفاع لحماية الأطفال والشباب من المخاطر المستحدثة من قبل وسائل الإعلام، وخلال السنوات الأخيرة تطور هدف التربية الإعلامية من كونها مشروع دفاع إلى مشروع تمكين، هدفه مساعدة الشباب في فهم الثقافة الإعلامية وأبعادها المحيطة بهم.

وتعتبر منظمة (اليونسكو) هي الداعم الأكبر عالميا للتربية الإعلامية، حيث ترى أنها جزء من الحقوق الأساسية لكل مواطن، وتطالب بإرفاقها ضمن مناهج التربية الوطنية، وإدخالها في أنظمة التعليم غير الرسمية.

وقد رعت المنظمة مؤتمر فيينا للعام 1999م، وتم خلاله وضع مجموعة من التعريفات الشاملة للتربية الإعلامية، شارك في تحديده (41) خبيرا من (33) دولة حول العالم، والهدف الأساسي لهذه التعريفات هو تمكين الأفراد من التعرف على مصادر النصوص الإعلامية، والقدرة على إتمام عملية التحليل وتكوين الآراء النقدية، بالإضافة إلى فهم وتفسير الرسائل والقيم المقدمة في الإعلام… وغيرها من الأهداف الفعالة.

وينتقل المؤلف بعد ذلك إلى بيان الطرق والأساليب التي تتبعها العديد من الدول حول العالم في التعامل مع التربية الإعلامية.

وأوضح المؤلف الأهمية الكبرى للتربية الإعلامية، فبدون الوعي الإعلامي سينشأ جيل معصوب العين في عالم تتجاذبه الصراعات والأهواء والمصالح، غير مدرك للحقوق الأساسية التي يجب أن يمتلكها كل مواطن في مختلف دول العالم.

ولكي يستوعب القارئ تفكير المؤلف وتسلسل أفكاره، أورد المؤلف الأسس التي تم اعتمادها في عملية انتقاء موضوعات الكتاب المختلفة والتي تمثلت في أربع نقاط هي الأسس العلمية، والواقعية، بالإضافة إلى التوازن، وأخيرا الإيجابية.

كيف نفهم الإعلام؟

من خلال طرح السؤال السابق يستهلُّ المؤلف الباب الأول في كتابه، ويرجع ذلك إلى أن الإنسان المعاصر اليوم يعيش في بيئة مشبعة بالمواد الإعلامية تتميز بالتنوع والتعدد؛ سواء من خلال التلفزيون والقنوات الفضائية أو من خلال المحطات الإذاعية، أو حتى من خلال شبكة الإنترنت ومواقع التواصل، واستخدام وسائل الإعلام يتم في صور متعددة ويختلف من شخص إلى آخر وفق حاجة كل منهم.

ويمكن حصر هذه الاستخدامات في عدد من الجوانب من أبرزها: (الحصول على المعلومات، وتوجيه الفهم، توجيه السلوك اليومي، فهم الذات، تسهيل التفاعل الاجتماعي، كبديل للتفاعل الاجتماعي، التحرر العاطفي، أو التسلية أو الترفيه).

ورغم التنوع الكبير في الوسائل الإعلامية إلا أن البعض منها يحقق انتشارا في أوساط المتابعين يفوق غيرها، ويرجع ذلك إلى امتلاكها مجموعة من عناصر القوة التي تمكنها من الوصول للمتابع وامتلاكه، مثل عناصر التنوع، والجاذبية، يضاف إليها سهولة امتلاكها أو الوصول إليها، وبذلك يصبح تأثيرها على المتابع غالبا لتأثير المدرسة، أو الأسرة، وجميع مؤسسات المجتمع الأخرى.

يتبع المؤلف ما سبق ببيان مجموعة من الجوانب الهامة التي يجب إدراكها من أجل تكوين إجابة متكاملة لسؤال الباب المطروح، مثل معرفة الفئات المستهدفة من وسائل الإعلام، ومدى التأثير الذي تحدثه في المتابعين، كما يؤكد أن القول الدارج بحيادية الإعلام هو أمر غير صحيح، فكافة وسائل الإعلام حول العالم تنتمي إما لثقافة محددة، أو لوطن، أو واجهة شخصية، أو مصلحة تجارية، أو مزيج مما سبق.

وناقش المؤلف في ختام الفصل أهمية التعرف على المتحكِّمين في وسائل الإعلام المختلفة، سواء الملاك أو المؤسسين أو الأشخاص الذين يقومون بتقديم الدعم المادي وتحمل تكاليف الإنتاج، لأن ذلك يعتبر حجر الأساس في فهم النوايا وإدراك الأهداف.

وظيفة الإعلام.. اتصال وتأثير

الفصل الثاني من هذا الباب خصص لتوضيح العلاقة القائمة بين كل من الإعلام والاتصال الجماهيري، وذلك من أجل فهم وظيفة الإعلام، وامتلاك القدرة على تفكيك الكتلة الإعلامية وتصنيفها.

وتبدأ عملية إدراك المطلوب من خلال معرفة معنى مصطلح الاتصال والذي يتمثل في كونه عملية يقوم بها الشخص في ظرف ما، بنقل رسالة ما، تحمل المعلومات، أو الآراء، أو الاتجاهات، أو المشاعر، إلى الآخرين عن طريق الرموز، لتحقيق أهداف معينة.

وهذه العملية تتكون من مجموعة من المستويات المختلفة وهي من الأبسط إلى الأكثر تعقيدا على النحو التالي: (الاتصال الذاتي، الاتصال الشخصي، الاتصال الجمعي، الاتصال العام، الاتصال الوسطي، الاتصال الجماهيري).

يُتبع المؤلف ما سبق بمجموعة من النماذج التي تساعد القارئ في إدراك الكيفية التي تتم من خلالها بعض عمليات الاتصال المبسطة، ثم ينتقل إلى توضيح وشرح واحد من أهم نماذج الاتصال المستخدمة حول العالم وهو نموذج (لازويل)، الذي يتكون في أساسه من خمسة أسئلة للتعبير عن العملية الاتصالية وهي: من؟ يقول ماذا؟ بأية وسيلة؟ لمن؟ وبأي تأثير؟

ثم ينتقل المؤلف بعد ذلك إلى بيان مكونات عملية الاتصال وفق ما تم تلخيصه من عشرات النماذج والنظريات المفسرة لهذه العملية، هذه المكونات تتمثل في ثمانية عناصر أساسية وهي: (المرسل، المتلقي أو المستقبل، الرسالة أو المضمون أو المحتوى، الوسيلة، التشويش، رجْع الصدى، الأثر، بيئة الاتصال أو السياق).

ويضيف المؤلف أن عملية الاتصال الجماهيري التي تتم عادة من خلال وسائل الإعلام يكون لها مجموعة محددة من الوظائف تدور في سبع محاور أساسية وهي: (وظيفة الأخبار، وظيفة الإعلام والتعليم، وظيفة ترابط المجتمع وربط تراثه، وظيفة الترفيه، وظيفة الرقابة، وظيفة الإعلان والترويج، وظيفة تكوين الآراء والاتجاهات).

وأخيرا يختم الفصل بيان تعريف الإعلام والذي يتمثل في عملية نقل المعلومات والمعارف والثقافات الفكرية والسلوكية، بطريقة معينة، عبر أدوات ووسائل الإعلام والنشر، بقصد التأثير، وعملية تصنيف الجهات الإعلامية تتم وفق مجموعة من المعايير سواء كانت من حيث الانتماء، أو الملكية، أو التخصص وأخيرا الاتجاهات والقيم حسب أراء المتابعين.

تأثير الإعلام

الفصل الثالث يتناول أحد أبرز الجوانب التي ترتبط بوسائل الإعلام وهو مدى تأثيرها على المتابعين، سواء من الأفراد أو المجتمعات، وعادة ما يتم تقسم هذا التأثير إلى قسمين أساسيتين: وهما التأثير الإيجابي، والتأثير السلبي، اللذان قد يبلغ أثرهما تغيير مجرى تطور البشر بشكل كلي.

ومما أجمع عليه الخبراء والمختصون أن هذه التأثيرات تنتج عن أربعة مجالات أساسية، تناول المؤلف كل نقطة منها شرحا وبيانا، هذه المجالات على الترتيب على النحو الآتي:

تغيير الموقف أو الاتجاه

التغيير المعرفي

تغيير القيم عبر التنشئة الاجتماعية

تغيير السلوك سواء أكان السلوك مفيدا أم ضارا

ولا يقتصر اعتماد وسائل الإعلام على هذه المجالات فقط لإحداث التغيير، بل هي تراعي أيضا وجود مجموعة متنوعة من العوامل التي تعزز من قوتها وفاعليتها، سواء كان ذلك من أجل تأثير قصير المدى، أو تأثير بعيد المدى، من أبرز هذه العوامل:

متغيرات البيئة

متغيرات الوسيلة

متغيرات المحتوى

متغيرات الجمهور

متغيرات التفاعل

كيف يحدث التغيير؟

أما الفصل الأخير في هذا الباب فقد خصصه المؤلف لتوضيح الأساليب المتبعة من خلال وسائل الإعلام المختلفة من أجل إحداث تغيير حقيقي وملموس، تمثل ذلك في ثلاث محاور أساسية تناولها المؤلف شرحا وبيانا وتفصيلا لتوضيحها بشكل لا يقبل اللبس، هذه الأساليب هي:

حارس البوابة الإعلامية

وضع الأجندة وترتيب الأولويات

التأثير التراكمي طويل الأمد

ما الذي يخفيه عنا الإعلام؟

طرح المؤلف في بداية الباب الثاني من الكتاب التساؤل التالي: «ما الذي يخفيه عنا الإعلام؟»… وقد سعى للعمل على إيجاد إجابة كافية وشاملة عبر فصول الباب العشرة التي يتناول كلٌّ منها أحد الجوانب الخفية في الإعداد الإعلامي.

فخلف الكواليس يكمن المجهود الأكبر الذي يجهله معظم متابعي الوسائل الإعلامية بأنواعها المختلفة، وهذا الجهد هو السبب الأكبر وراء الصورة التي تظهر على الشاشات، أو الصحف، أو الوسائل الإعلامية الأخرى.

وعلى عكس ما يظن الجميع فإن ما تقدمه وسائل الإعلام ليس عرضا بسيطا للواقع الخارجي فحسب، بل هو عملية دقيقة وعميقة يتم فيها تصنيع المادة الإعلامية مثل ما يحدث في تصنيع الأخبار في وكالات الأنباء، أو تصنيع نشرات الأخبار.. وغيرها، التي تؤكد أن الظاهر للمتابع هو مادة تم اختيارها بشكل دقيق، ويعمل على صناعتها وتشكيلها المرسل أو القائم بعملية الاتصال، سواء كان كاتبا صحفيا أو مخرجا سينمائيا.

ويعتمد الجميع على قوة الصورة ومدى تأثيرها على المتابع، والتي تحولت مع الوقت من الهامش، إلى المركز، ومن الحضور الجزئي إلى موقع الهيمنة والسيادة، على حساب غيرها من العناصر والأدوات الثقافية والإعلامية، وكل صورة هي رسالة ذات مضمون تعكس هدفَ مَن قام بإنتاجها وعرضها.

أساليب إعلامية

ومع التطور الحادث في العملية الإعلامية ظهرت العديد من المصطلحات الجديدة على الساحة مثل مصطلح «الصورة النمطية»، والذي هو في أصله مفهوم مستعار من عالم الطباعة من أجل إنتاج نسخ متطابقة الأصل، واعتمادا على هذا الفكر تم الانتقال إلى عملية متعمدة ومخطط لها وهي تصنيع الصورة النمطية، بهدف اختزال وتبسيط الصورة العامة لشخص أو جماعة أو فئة اجتماعية مما يتطلب ردود أفعال معينة من الجمهور.

وترجع هذه الفاعلية إلى مدى تأثير المصطلحات الإعلامية المستخدمة في الخطاب الإعلامي، فهي ليست كلمات عشوائية أو جملا مرصوصة تقال كيفما اتفق، وفق تعبير المؤلف، بل هي كلمات مفتاحية تحمل مضامين عميقة ومفاهيم محددة وأفكارا مركزية، ذات أهمية كبيرة، ومكانة مؤثرة في صلب الخطاب الإعلامي، وتتباين أساليب التعامل مع هذين المصطلحين بين الدعم أو الرفض، وما ينطوي عليه كل منهما.

ومن المصطلحات الدارجة أيضا في المجال الإعلامي مفهوم البروباجندا/الدعاية، والذي يشمل العديد من المعاني مثل محاولة التأثير في الشخصيات والسيطرة على سلوك الأفراد في مجتمع ما، خلال وقت معين، لتحقيق أهداف تعتبر غير علمية أو مشكوك في قيمتها، وهي حسب المتخصصين ثلاثة أنواع تقسم حسب المصدر، والمضمون، والأساليب التي تستخدم لأجلها، وهي كالآتي:

الدعاية البيضاء

الدعاية السوداء

الدعاية الرمادية

وجميع الأساليب السابقة (التنميط، القولبة، البروباجندا) وغيرها، يطلق عليها اسم «التضليل الإعلامي»، والتي نتجت عن وجود صراع شديد على المصالح على المستوى العالمي، ومن أجل التغلب على ذلك يجب الالتزام بالأخلاقيات الإعلامية، التي تتمثل في مجموعة من القيم والمعايير، يمكن من خلالها تحديد الصواب من الخطأ.

كيف نتعامل مع الإعلام؟

بعدما أوضح الباب الثاني العديد من الجوانب الخفية في العملية الإعلامية، جاء الباب الثالث ليوضح الكيفية أو الطريقة الصحيحة التي يمكن من خلالها التعامل مع الإعلام، واستهلها مع مهارة التفكير الناقد، والتي يقصد بها النشاط العقلي المتأمل والهادف، والذي يقوم بشكل أساسي على الحجج المنطقية من أجل الوصول إلى أحكام صادقة.

ويشتمل هذا النوع من التفكير على عدد كبير من المكونات التي ترتبط به بشكل وثيق، مثل التمهل، والتعقل، والتفتح العقلي، وطرح التساؤلات، والاستيضاح، والرجوع إلى المصادر، وغيرها من الأفعال التي تنتهي ختاما بعملية إصدار الأحكام.

ويرجع ذلك إلى أن التفكير الناقد هو أهم عناصر التعامل الواعي مع وسائل الإعلام، كونه يمتلك القدرة على تحديد ما هو سلبي، وما هو إيجابي، وما يقع بين كليهما، ويمكن تحقيق أعلى فائدة من الفكر الناقد من خلال استخدام الأسئلة الخمس لنموذج لازويل الشهير للاتصال، وذلك على النظام التالي:

من؟ (الأسئلة المتعلقة بمعرفة المرسل وصانع المحتوى).

يقول ماذا؟ (الأسئلة المرتبطة بمعرفة الرسالة والمحتوى).

بأية وسيلة؟ (الأسئلة المرتبطة بنوعية الوسيلة وتقنياتها).

لمن؟ (الأسئلة التي تخص المستقبل- المتلقي- الجمهور).

وبأي تأثير؟ (الأسئلة المتعلقة بجوانب النتيجة- الأثر- رد الفعل).

ولا يجب حصر السلوك الواعي إعلاميا في تحليل الرسائل والمضامين الإعلامية وتقويمها فحسب، بل يجب -بالإضافة إلى ما سبق- امتلاك مهارات الاختيار، والتواصل، والمشاركة، والإنتــاج، التي هي أصل السلوك الواعي إعلاميا.

في ختام هذا الباب يتناول مفهوم الإعلام الجديد والذي يقصد به العملية الاتصالية الناتجة من اندماج ثلاث عناصر هي الكمبيوتر، والشبكات، والوسائط المتعددة، ويتم تقديمه من خلال عدد كبير من الوسائل والأدوات مثل المحطات التلفزيونية التفاعلية، الصحافة الإلكترونية، والمواقع الشخصية… وغيرها، التي عادة ما تجمع مجموعة من الخصائص أبرزها التفاعلية، والمشاركة والانتشار، وعملية التخزين والحفظ.

ومن خلال معرفة الظواهر المتنوعة التي نتجت عن الإعلام الجديد، يمكن إدراك الفرص المتنوعة المقدمة من خلاله للمجتمعات والثقافات لكي تقدم نفسها للعالم، من خلال استعداد حقيقي للاستثمار بشكل إيجابي ناجح، مؤثر وفعال.

مهارات إعلامية

من أجل الحصول على إعلام هادف وفعال، يؤثر في المتابع ويحقق الهدف الأساسي منه، فإن الأمر يتطلب ترابطا بين مجموعة من العناصر المختلفة يمتلك كل منها أعلى مستوى ممكن من المهارات الإعلامية، سواء كان ذلك لمقدمي البرامج بأنواعها المختلفة، أو للفريق المسؤول عن إعداد النصوص أو الاسكريبتات، أو مسؤولي الإنتاج التلفزيوني.. وغيرهم.

من أبرز المهارات المطلوبة هي «مهارة الحديث»، وذلك لكونها حجر الأساس في تحقيق النجاح الإعلامي، وعملية التخطيط لحديث منظم تمر بثلاث مراحل أساسية هي الإعداد للحديث، وتوجيه الحديث، وتقويم الحديث.

ولكي تصل العملية السابقة إلى هدفها يجب أن يكون المتحدث قويا ذا مهارة يمتلك كافة المقومات الشخصية، والسمات الصوتية، بالإضافة إلى القوة الإقناعية.

تحتل «مهارة الكتابة» الترتيب الثاني في المهارات الإعلامية الضرورية، وذلك لكونها تتناول الحياة الإنسانية في جميع جوانبها المادية، والمعنوية، فتربط الإنسان بماضيه، وتصوغ حاضره، وتخطط لمستقبله، ويمكن من خلالها عرض الأفكار والتعبير عنها بوسيلة غير قابلة للزوال مع مرور الأيام.

كما أن الكتابة أكثر أمانة على النص من الحديث الشخصي، وتعمل على نقل المعلومة إلى أكثر عدد ممكن من الناس، وتسمح بالرجوع للمعلومات في وقت الحاجة، وتسمح بتقديم جميع المعلومات بصورة تفصيلية واضحة، وإيصالها بفاعلية إلى الجمهور المقصود.

وتحقيق ذلك كله يعتمد على القيام بعملية تخطيط لعملية الكتابة من خلال مجموعة مراحل تبدأ من تحديد الأهداف، وتنتهي مع تحديد الأسلوب الأمثل للكتابة، وتُراعى خلال كافة المراحل القواعد العامة للكتابة الفعالة مثل الاكتمال، الإيجاز، الدقة… وغيرها.

البرامج التلفزيونية

أما الفصلان الرابع والخامس في هذا الباب فقد تناول فيهما المؤلف البرامج التليفزيونية التي تصنف وفق مجموعة من المعايير مثل الوظيفة أو الهدف، الجمهور المستهدف، اللغة والشكل أو القالب الفني وغيرها، التي تمر بعدد من المراحل خلال عملية الصناعة، وعادة ما يشمل المحتوى المقدم من خلال شاشات التلفاز على خمس أنواع أساسية هي:

الأخبار.

الدراما مثل المسلسلات، والأفلام والمسرحيات.

الأغاني والموسيقى.

نقل المناسبات والأحداث.

البرامج التلفزيونية بتصنيفاتها وأنواعها وقوالبها المختلفة.

وكافة البرامج التلفزيونية تمر بثلاث مراحل أساسية خلال عملية الإنتاج تبدأ من مرحلة ما قبل الإنتاج، تليها مرحلة الإنتاج، وتنتهي مع مرحلة ما بعد الإنتاج، وقد ذكر المؤلف أمثلة على قوالب البرامج التلفزيونية، تناول خمسةً منها بالشرح والتفصيل من حيث المراحل السابق ذكرها، وعناصر كل منها، وهي على الترتيب:

برنامج الحديث المباشر.

برنامج المقابلة والحوار.

المجلة التلفزيونية.

البرنامج الخاص.

الصورة أصل الخطاب الإعلامي

أما فصل الباب الأخير فقد تناول فن التصوير، من مجموعة متنوعة من الجوانب تبدأ من أنوعه، وتمر بالعناصر التي يجب أن تمتلكها الصورة الناجحة، وتنتهي مع الكيفية التي يمكن من خلالها الاستفادة من الصورة من خلال اختيار الموضوعات والأفكار ذات الأفق الأخلاقي، والإنساني، بالإضافة إلى القيم الثقافية والحضارية، التي تبرز هوية المجتمع وأصالته.

وسائل الترفيه الحديثة

في الفصل الأول من الباب الأخير تناول المؤلف واحدة من أبرز وسائل الترفيه الحديثة وهي ألعاب الفيديو، كونها أصبحت تشكل جزءًا لا يتجزأ من حياة الأطفال، والمراهقين، والشباب، وكغيرها من وسائل التقنية الحديثة تمتلك ألعاب الفيديو مجموعة من الإيجابيات، ومجموعة من السلبيات، من أبرز الأمور الإيجابية التي يكتسبها ممارس هذه الألعاب ما يلي:

هي وسيلة ترفيهية ممتعة ومسلية تلبي الحاجات العاطفية والعقلية للاعب.

تعتبر وسيلة للتواصل والمشاركة والتفاعل الاجتماعي.

تساعد في تنمية ذكاء الطفل وقدرته على التفاعل مع ما حوله.

تعمل على زيادة مستوى التركيز والتدقيق والفهم.

وسليبات هذه الألعاب متعددة أيضا، والبعض منها يمكن أن يتطور مع مرور الوقت لتتحول إلى ظاهرة خطرة يصعب احتواؤها، مثل الإجرام الدموي، المساس بالمقدسات، الجنس والمشاهد العارية، وغيرها.

والتغلب على هذه السلبيات والمخاطر يتطلب أن يكون الإنسان واعيا للاستخدام الصحيح لألعاب الفيديو، وذلك من خلال اتباع التالي:

استشعار الرقابة الذاتية.

حفظ الوقت.

حسن الانتقاء.

الوقاية من الإباحية بالتربية الإعلامية

في الفصل الثاني يورد المؤلف تفاصيل واحدة من المشكلات الكبرى الناتجة عن انتشار الإعلام الحديث والتي تتمثل في الإنترنت والإباحية، ويستدل على هذه المشكلة من خلال مجموعة من المؤشرات تمثلت فيما يلي:

الصفحات الإباحية هي أكثر صفحات الإنترنت بحثاً وطلبا حول العالم.

صناعة المواد الإباحية أصبحت من الصناعات الكبرى التي يستثمر فيها مليارات الدولارات.

تشهد صناعة المواد الإباحية نمواًّ لحظيًّا متسارعًا.

وعلاج هذه المشكلة يكمن في قدرة الفرد نفسه على الامتناع عنها، وإدراكه أن الشريعة الإسلامية ما حرمت هذه المواد إلا من أجل الحفاظ على الأفراد والمجتمعات.

الطفل والتربية الإعلامية

في نهاية هذا الباب يظهر مدى تأثير الإعلام الحديث على الأطفال، فالعديد من المنظمات الحقوقية والإنسانية ترفع شعار «الطفولة أمانة»، لكونها المرحلة التي يتشكل فيها عقل وفكر وسلوك الطفل، وما يتم غرسه في مرحلة الطفولة من مكتسبات، يظل مترسِّبًا مدى الحياة، وما يكتسبه الطفل من قيم وأخلاقيات وسلوكيات حسنة أو سيئة، سلبية أو إيجابية، تظل مقترنة به حتى نهاية العمر.

ومن أجل تحقيق ذلك يجب إدراك حقيقة كون معظم وسائل الإعلام والتقنية الحديثة غير صالحة للأطفال، خاصة المحتوى القائم على العنف والذي يؤثر على الطفل، ويولد لديه الإدمان على مشاهدة العنف مما يؤدي إلى تراكم المشاعر العدوانية ويقود الطفل إلى خطر الانحراف نحو جوانب العنف.

وهذه الآثار لا يتضرر منها الطفل فقط، بل هي تؤثر أيضا على السلوك مع أفراد الأسرة، والتي تظهر في مجموعة من الصور منها:

تقليص العلاقة بين الطفل والأسرة واغتراب كل فرد في عالمه الخاص.

القضاء على العديد من النشاطات والفعاليات المهمة لنمو الطفل بشكل متوازن مثل اللعب الحقيقي الجماعي.

السهر وتغيير عادات النوم.

التعرض للإخفاق الدراسي، وضعف تطوير المهارات الدراسية.

وللتغلب على هذه المشكلات وغيرها يجب أن يتم وضع مجموعة من القواعد العامة من أجل توجيه الأطفال للتعامل الواعي مع وسائل الإعلام، من أبرز هذه القواعد:

الاعتراف بوجود جوانب سلبية في وسائل الإعلام وأنها ليست خيرًا محضًا.

إدراك استحالة تجنب تعرض الأطفال لوسائل الإعلام بصورة مباشرة أو غير مباشرة.

بناء مهارة التفاعل الواعي مع وسائل الإعلام من خلال ثلاث جوانب هي الجانب المعرفي، والجانب الوجداني، والجانب السلوكي.

في النهاية فإن هذا الكتاب المميز والفريد هو بمثابة «منهج دراسي» مكتمل لمادة التربية الإعلامية، يتعلم منه القارئ ويتدرب على مهارات التعامل مع الإعلام كمشاهد، وكيف يتفاعل معه بوعي ومسؤولية وإيجابية، ويكتسب من خلاله مهارات صناعة المحتوى المؤثر والفعال.

الكتاب جدير وحقيق بكل شخص دراسته والاستفادة منه، خاصة ونحن في عالم يحكمه ويحركه ويؤثر فيه الإعلام بقوة سلبا وإيجابا.

Contact Us

Subscribe to our Newsletter

@2023 – All Right Reserved. Designed and Developed by AATWorld

About Us

Here in the AAT Group, Traders, Businessmen, Manufacturers, Importers, and Exporters get to know each other and cooperate despite the distances, countries, and different languages.

Feature Posts

Newsletters

Never Miss an Offer

Join our mailing list to receive the latest product news and industry updates from AAT World.

@2023 – All Right Reserved. Designed and Developed by AATWorld