اصنع لك مشروعاً

بقلم: عبد الرحمن الميعان


هل يمكن لأي إنسان – بعيداً عن التنمية البشرية، وخزعبلات أهل الطاقة – أن يبني له مشروعه

الخاص به؟ وهل في الأصل ينبغي أن يكون لكل إنسان مشروع!

نجيب عن السؤال الأول قبل الثاني لطبيعة الموضوع، فنقول: إن من لم يصنع له مشروعاً، وطريقاً

يسلكه في الحياة يحدد أهدافه وغايته الكبرى، فسيجد نفسه مراغماً على سلوك درب الآخرين،

وسيكون ضمن مشروع غيره، وقد لا يعلم أين يسير! ثم لا أشك أنه سيكون تائهاً، غريباً يتخبط في

دروب الحياة ومسالكها الوعرة، وهذا سبب ضياع البعض، وانحرافهم في الحياة الدنيا، فهم بلا غاية

ولا هدف ولا معرفة سبب الوجود وغاية الخلق!

والأغرب من هذا أنني سمعت أحد مشاهير وسائل التواصل يتبنى الرأي القائل: إن الحياة بلا هدف

أصلاً! وهو متبوع من ملايين الأشخاص، فما ظنك بالتابعين؟ لا بد أنهم يتأثرون بما يقول هذا

المشهور المعروف، ويكون تأثرهم سلباً، حتى إن لم يقولوا بقوله، فلا بد أن الشك عندهم سيرتفع،

ويبدؤون في التفكير نحو اللاهدف واللاغاية!

إذن وبملء الفم، لا بد أن تكون لنا غاية كبرى، وأهداف مرحلية نحاول تخطيها وتحقيقها، فكيف يكون

ذلك؟ وما الغاية الكبرى؟ وما الأهداف المنشودة؟

نأتي إلى مصدر حيث لا يتطرق الشك إليه ولا الالتباس ولا الريب فيما يقول، فهو الحق المطلق، وهو

اليقين بل عين اليقين، ونعني به الوحي، وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وسيرة أصحابه ومن

تبعهم بإحسان، فالوحي هو العلاج الناجع لكل داء وهو منهاج الحياة لمن أراد الدنيا والآخرة.


التساؤل الكبير

ولا يزال ذلك السؤال، هو التساؤل الكبير، وهو المحرك للنفوس، وهو السؤال الذي لم يجب عنه إلا

الرسل بما أعطاهم الله تعالى الاتصال بالسماء، وهو الذي غاب عمن يبعد عن الوحي الصحيح، فيتخبط

في ظلمات الحياة وتعذيب النفس، كما قال الشاعر إيليا أبو ماضي (النصراني):


جِئتُ لا أَعلَمُ مِن أَينَ وَلكِنّي أَتَيتُ

وَلَقَد أَبصَرتُ قُدّامي طَريقاً فَمَشَيتُ

وَسَأَبقى ماشِياً إِن شِئتُ هذا أَم أَبَيتُ

كَيْفَ جِئتُ؟ كَيْفَ أَبصَرتُ طَريقي؟ لَستُ أَدري

وهذا من الذين ذكرهم القرآن وهم يقولون: (وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا

الدَّهْرُ وَمَا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) (الجاثية: 24)، (قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا

لَمَبْعُوثُونَ) (المؤمنون: 82)، فهؤلاء لا يعلمون لماذا أتوا وإلى أين مصيرهم! لهذا فهم ليست لهم

أهداف وإنما يأكلون ويتمتعون كما تأكل الأنعام!


نخلص إلى ذلك السؤال: من نحن؟ وما غاية وجودنا؟ وكيف نحقق هذه الغاية؟

المسلم المطمئن

الشخص الوحيد في هذا العالم المطمئن إلى ما عليه، وما يؤول إليه هو المسلم فحسب، أما غير

المسلم فهو في تخبط مستمر دائم لا يزول، ولا يعرف يقيناً أين البداية ولا النهاية!

فالجواب عن الأسئلة الماضية، تجدها كلها في القرآن؛ (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ {56} مَا

أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ {57} إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) (الذاريات)، تنبئك

هذه الآية عن عدة من القضايا الكبرى والتصورات العظيمة، التي ينبغي للإنسان أن يتدبرها:

1- أن الله تعالى هو الخالق.

2- الغاية الكبرى للخلق هي «العبادة» فقط لا غير.

3- استغناء الله تعالى عن أي مخلوق أو شيء آخر فهو الغني سبحانه.

4- الله هو الذي يرزق ويخلق ويقدّر، وهو القوي العظيم المتين سبحانه.

هذه قضايا كلية كبرى، عبادة الله لأنه الخالق وهو القادر المدبر الرازق القوي.

أما القضية الكبرى الثانية من نحن؟ يتفق جميع العقلاء أننا مخلوقون، ولسنا بخالقين ولا مشاركين

للخالق، فنحن الناس خلق من خلقه تعالى؛ (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً


وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (الحجرات: 13)، ويقول سبحانه: (أَمْ

خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ) (الطور: 35)، والجواب معلوم لكل ذي عقل.

أما إلى أين المصير؛ فآيات القرآن ملأى بذكر النهاية، وكذلك الأحاديث، حياة، ثم موت ثم بعث ثم جنة

أو نار، هذه الحياة والخلق كله باختصار، دون رتوش ولا تفاصيل، إذن المسلم مطمئن من دينه، من

عقيدته من سلوكه المتناسب مع معتقده.

ولكن كيف يكون تطوير الذات؟ وكيف يحقق الإنسان غاية وجوده؟ جواب تلك الأسئلة، انتظر فالليل

يطول، العرض مستمر.

Explore More About Us

You May Also Like To Read

Contact Us

Subscribe to our Newsletter

@2023 – All Right Reserved. Designed and Developed by AATWorld

About Us

Here in the AAT Group, Traders, Businessmen, Manufacturers, Importers, and Exporters get to know each other and cooperate despite the distances, countries, and different languages.

Feature Posts

Newsletters

Never Miss an Offer

Join our mailing list to receive the latest product news and industry updates from AAT World.

@2025  AATWorld  | All rights reserved.Reserved.