بقلم: محمد العبد الله
نختلف نحن كمسلمين عن أهل الغرب بوسيلة نجاح لا توجد إلا في الإسلام، وهي التخلق بأخلاق
القرآن والسُّنة، فأي عمل ناجح من منظور إسلامي لا بد أن يتحقق فيه شرطان؛ النظام، والتخلق
بأخلاق الإسلام.
فالغربيون وكل الأمم الناجحة لديها نظام عمل، لكن يغيب عنه روح الإسلام، التي لا يمكن أن يتصور
استمرارية نجاح أي عمل بدونها، فمهما كان من تحقيق الانضباط، لكن الشخص والمؤسسة تمر بها
أزمات لا تحلّ إلا بالأخلاق والتسامح.
ولأجل أن تكون تاجراً ناجحاً، هناك مقدمات لا بد من المرور والتحلي بها، ولا يمكن تجاوزها، ومن
أهمها:
1- البعد عن الجدل والخصام: أكثر شيء منفر في التجارة هو الجدل والشعور بالخصومة في حركة
البيع والشراء وجميع الصفقات.
وقد أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على أحد أصدقائه من التجار في الجاهلية حينما رآه في الإسلام
وقال له: «نعم الشريك كان أبو السائب لا يشاري ولا يماري»؛ أي لا يجادل ولا يخاصم.
2- معرفة الخلفية الحقيقية للمؤسسات: وهذا فن يحتاج إلى دراسة ومثابرة وخبرة تراكمية، ويجب
الاستعانة فيه بالخبراء، وكان الصديق رضي الله عنه تاجراً ناجحاً في المقام الأول، لأنه كان أعلم
ببطون قريش وأعلم بها وبما فيها من خير أو شر، وكذلك القبائل حوله.
3- التخلص من السلبيات: فربما يكون هناك سلعة أو منتج داخل المؤسسة لا يحقق إلا
تكلفته فقط، ومع ذلك تصر المؤسسة على إنتاجه، فهذا معوّق يجب تركه والتعويض
بغيره.
وقد قدم أحد الخبراء دراسة في هذا المنوال للعديد من الشركات جوهرها أنه اكتشف أن
المؤسسات دائماً تبحث عن المقترحات الجديدة دون أن تعيد ترتيب المنتجات القديمة،
حيث اكتشف قبل أن يقدم مقترحاته الجديد ما هو المعوق من القديم، بحيث أعاد ترتيبمنتجات الشركات بترك السلبيات أولاً فتحققت أرباح طائلة قبل طرح الجديد من
المقترحات.
4- فن التسويق: كل شيء حالياً بدون تسويق مكتوب له الفشل، وعلم التسويق فن
ويحتاج إلى خبرة تراكمية أو الاستعانة بالخبراء، وقد سئل رجل الأعمال والملياردير
الأمريكي بيل جيتس: ماذا لو كان لديه 500 دولار وسيبدأ بها أول مشروع، فأجاب:
سأضع 200 دولار فقط لرأس العمل والباقي سأرصده للتسويق له.
5- أسواق جديدة: معرفة الطرق لأسواق وبدائل جديدة مهم جداً لاستمرارية المؤسسة
لأن تعطلها في حال ضرب السوق الأصلي أو إغراقه بمنتج جديد يعني خسائر فادحة.
ولا يفوتنا أن قريشاً، وهي مجتمع تجاري بالدرجة الأولى، حينما قطع النبي صلى الله
عليه وسلم طرق تجارتها لم تقف مكتوفة الأيدي، وكانت تستعين بالخبراء للوصول إلى
الأسواق بعيداً عن طرق المدينة، وهو حس كان يتمتع به المجتمع التجاري في ذلك
الوقت.
6- الاستكشاف المباشر وبناء علاقات جيدة مع العملاء: وهذا من أهم ما يميز التاجر
الناجح، وقد ضرب لنا الصحابي عبد الرحمن بن عوف مثلاً فريداً في هذا الميدان، فحينما
هاجر إلى المدينة وبالرغم من حصوله على المؤاخاة مع الأنصار، لكن كان له إرادة
جديدة، لأنه عاش طيلة حياته في مكة في المجتمع التجاري فقال: «دلوني على
السوق»، فنزل الميدان بنفسه وكوّن علاقاته الجديدة حتى صار من أمره ما صار من
تضخم ثروته.
