جزر المالديف دولة مسلمة تقع في المحيط الهندي .. وهي مجموعة جزر صغيرة يبلغ عددها 1190 جزيرة .. والمأهول منها 200 فقط .. اسم عاصمتها ماليه .. كانت محمية بريطانية واستقلت في عام 1965 م… يبلغ عدد سكانها 309 ألف نسمة كلهم مسلمون…
ونظام الحكم فيها جمهوري، ورئيسها يُعيّن من قبل البرلمان، ودستورها ينصّ على أن جميع مواطنيها يجب أن يدينوا بديانة الإسلام، وبالتالي فإن الشخص الذي يرغب أن يكون مواطناً فيها عليه أن يكون مسلماً، ويُمنع أن يكون أي شخص غير مسلم مواطناً فيها، كما يشير دستورها إلى أن مبادءها الجمهورية هي المبادىء الإسلامية…
أما شعب المالديف فملتزم بإسلامه يحبّ الإسلام ويحرص على الآداب الإسلامية، والسلوكيّات الإسلامية واضحة للعيان، فالحجاب منتشر، ويحترم السكان الأذان، ويقبلون على المساجد، وتغلق المطاعم نهارا في شهر رمضان، وتُمنع المجاهرة بالفطر فيه…
وتوجد بها هيئة عليا لمراقبة التطبيق الصحيح لأحكام الشرع الإسلامي في جميع المحاكم…
ويقوم رئيس الدولة بإلقاء خطبة الجمعة، وإمامة الصلاة بالناس، وإلقاء الوعظ والإرشاد في المناسبات الدينية والاجتماعية، كما يقوم بإلقاء الدروس والنصائح في الإذاعة والتلفزيون، بالإضافة إلى تدريس بعض المواد الدينية في كلية الدراسات الإسلامية، وكذلك يقوم رئيسهم بإصدار صحيفة اسلاميّة أسبوعية باسم (سبيل الدين) منذ ثمانية عشر عاماً…
وأكثر أعضاء الحكومة في المالديف من خرّيجي الجامعات الإسلامية ومنهم وزير الحج…
نسبة الأمية في تلك البلاد طفيفة جداً لا تتجاوز 2%… ورغم أن اللغة الرسمية ليست العربية إلاّ أنه لا يوجد بين السكان من لا يستطيع أن يقرأ في كتاب الله تعالى بنفسه… وذلك بفضل مدارس تعليم القرآن الكريم…
اما السياحة فتعتبر المصدر الثاني للدخل القومي بعد الصيد…
والسياحة في ذلك البلد مضرب المثل فهي لا ابتذال فيها ولا تنازل عن المبادئ الإسلامية… فيُمنع تقديم الخمور للسياح، ويُلزم السائح باحترام قوانين البلاد الإسلامية، فلا يوجد عري ولا خروج على الآداب الإسلاميّة العامة…
وقد خصصوا للسياح أربعة وثمانين جزيرة منعزلة للسياحة فقط، ولا يسمح للسائح أن يذهب إلى الجزر المأهولة بالسكان المسلمين إلا إذا التزم بالآداب الإسلامية… ولا يسمح له ولا لغيره بإظهار الإفطار في نهار رمضان…
وعلى الرغم من صرامة تلك القوانين فقد انتعشت السياحة هناك كثيرا ووصل عدد السياح إلى أكثر من ثمانية مليون سائح، وهو رقم ضخم بالمقارنة مع عدد السكان الذي لا يتجاوز ثلاثمائة ألف…
نأتي إلى قصة دخول الإسلام إلى تلك البلاد .. وهي قصة أقرب إلى الأساطير… وقد وثّقها الرحالة ابن بطوطة في كتابه (تحفة النُظّار في عجائب الأمصار وغرائب الآثار )… والقصة منقوشة على لوحة جدارية بجانب الجامع الكبير في العاصمة ماليه…
دخل الإسلام إلى تلك الجزر في بدايات القرن الخامس الهجري ( عام 1153م ) عندما وصل إلى شواطئها شاب مسلم حافظ للقرآن الكريم من المغرب العربي اسمه أبو البركات يوسف البربري… يقال أن السفينة التي كان يُبحر بها تحطّمت قبالة شواطيء إحدى تلك الجزر… وقذفته الأمواج إلى الشاطيء، حيث عالجه واعتنى به أحد الصيادين مع أسرته، واستضافه في بيته، حيث تعلّم لغة السكان…
وذات يوم، رأى ذلك الشاب الصياد وزوجته يبكيان بحرقة، وعلم منهما أن القرعة قد وقعت على ابنتهما الشابة لتقديمها قرباناً لوحش الجزيرة، حيث اعتاد السكان أن يقدّموا للوحش فتاةً كل شهر… يضعونها ليلاً عند طرف الغابة، فيأتي الوحش ويأخذها، ولا يتعرّض بعد ذلك للقرويين بسوء طوال الشهر…
قرّر ذلك الشاب أن يذهب بدلاً من تلك الفتاة إلى الغابة، وأخبر الصياد وأسرته أنه سيكون بخير بإذن الله تعالى…
وفعلاً وضعوه في المكان المعهود فأخذ يقرأ سورة ياسين وآيات القرآن الكريم طوال الليل… وكان يشعر بالوحش يقترب منه فإذا سمع الآيات يبتعد… إلى أن أشرقت الشمس…
وأعاد الشاب الكرّة ثلاث ليالٍ فذهب الوحش ولم يعد في الليلة الرابعة وتخلّص منه القرويون…
عندما سمع السلطان، وكان اسمه ماها كلامنجا، بأمر ذلك الشاب استدعاه وسأله عن حقيقة الأمر فقرأ عليه القرآن الكريم… وحدّثه عن الإسلام… ودعاه إليه… فدخل الملك في الإسلام… وغيّر اسمه إلى، محمد بن عبد الله… وأسلم كلّ سكان البلاد…
وقد أقام ذلك الشاب في تلك الجزر يُعلّم أهلها القرآن الكريم… والفقه الشافعي… والعلوم الدينية الأخرى التي كان يعرفها إلى أن توفّاه الله تعالى…
وقبره لا زال موجودا معروفا في الجزيرة… وقد بنوا بجانبه مسجداً…
سبحان الله… رجل واحد… أكرمه الله تعالى… وجعل على يديه إسلام أمّة…
اللهم… يا أكرم الأكرمين… ويا أرحم الراحمين… إجعل لنا سهماً في نصرة دينك وخدمته… يا عظيم…من المؤسف ان اعلامنا لا ينقل إلّا توافه الأمور… أمّا بلاد مثل جزر المالديف فيغضّ الطرف لعلّهم يخافون على الشعوب ان تصيبهم عدوى احترام القيم والآداب والتمسك بالدين القويم…