4 انحرافات تُرتكب على مواقع التواصل…

أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي ضرورة حتمية، من الصعب تجنبها؛ ولكن لها سلبيات خطيرة

أبرزها أنها أصبحت مواقع للتفسخ الاجتماعي وليس التواصل.

وبما أنها صارت واقعاً لا مفر منه، كمجالس الطرقات التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنها،

فقال: «إياكم والجلوسَ بالطرقاتِ»، قالوا: يا رسولَ اللهِ، ما بُدٌّ لنا من مجالسِنا نتحدثُ فيها، فقال:

«إن أبيتم فأعطوا الطريقَ حقَّه»، قالوا: وما حقُّ الطريقِ يا رسولَ اللهِ؟ قال: «غضُّ البصرِ، وكفُّ

الأذى، وردُّ السلامِ، والأمرُ بالمعروفِ، والنهي عن المنكرِ» (أخرجه البخاري ومسلم).

وهكذا في سائر الأمور التي يمكن أن تؤدي لانحراف أخلاقي، أو سقوط لا يليق بمسلم، وكان من

الصعب تجنبه، فليعطه المسلم حقه، وإذا كانت هناك ضرورة للتعاطي مع تلك الصفحات، فلنعطها كذلك

بتجنب سلبياتها التي تدخل في دائرة الحرام وهي كثيرة ويقع فيها الكثيرون ربما دون قصد،

ويحسبونها هينة، وهي عند الله عظيمة.


أولاً: السخرية

السخرية داء يصيب المجتمعات، وقد نهى الله تعالى عنها فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن

قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ) (الحجرات: 11).

وصور السخرية على مواقع التواصل كثيرة، يقع فيها أغلبية الناس وربما لا يشعرون، فمنهم من

ينشر صورة لمجهول قد يكون أسود، أو بديناً، أو به علامات خلقية يتخذها سخرياً من باب إضحاك

متابعيه، وهو لا يعلم أنه قد وقع في ذنب عظيم، فهو يسخر من خلق الله ويعيب عليه سبحانه، يقول

تعالى: (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (آل عمران: 6).

والله عز وجل قد جعل المفاضلة بين الناس في الخلق وليس في الخلقة، فقال النبي صلى الله عليه

وسلم: «إنَّ الله لا ينظر إلى صورِكم وأموالكم؛ ولكن ينظر إلى قلوبِكم وأعمالكم» (أخرجه مسلم).

وهناك من يسخر من إنسان لمعصيته، أو لابتلاء وقع به، وقد جاء في حديث معاذ بن جبل قال: قال

رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عَيَّرَ أَخَاهُ بِذَنْبٍ لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَعْمَلَهُ» (أخرجه الترمذي).


وهذه الأيام يطلقون على السخرية اسما آخر وهو «التنمر»، يقول الحسن البصري: «كانوا يقولون:

مَن رمى أخاه بذنبٍ قد تاب منه، لم يمُت حتى يَبتليه الله به»، ويكفي أن يعلم المسلم أنه حين يسخر

بكلمة أو بلفظ أو بإشارة فإنه بذلك يؤذي مسلماً لا يحل له أن يؤذيه، يقول الفضيل بن عياض: «واللهِ

ما يحلُّ لك أن تؤذي كلبًا أو خنزيرًا بغير حقٍّ، فكيف تؤذي مسلمًا؟!».


ثانياً: الخوض في الأعراض

من أكبر الكبائر أن يطلق المسلم لسانه في أعراض المسلمين غير مبال أنه يرتكب جرماً خطيراً في

حق المسلمين، وقد لا يلقي الاتهام بصورة مباشرة، وإنما يلمز ويشير وينشر بكلمات توحي بوقوع

المقصود في الفاحشة، وقد استبق الشرع فوضع الحدود لحماية المجتمع من أن تكون الأعراض فيه

مستباحة؛ يقول تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً

وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (النور: 4)، وأشار إلى الذين يحبون أن تشيع

الفاحشة بين المؤمنين، فقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ

فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) (النور: 19).

وعن أبي الدرداء قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ ذَكَرَ امْرَءًا بِشَيْءٍ لَيْسَ فِيهِ لِيَعِيبَهُ بِهِ

حَبَسَهُ اللَّهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ حَتَّى يَأْتِيَ بِنَفَاذِ مَا قَالَ فِيهِ» (رواه الطبراني في الكبير).


ثالثاً: المزاح بين النساء والرجال

كثيراً ما تتبسط الفتيات وتتهاون في المزاح فيما بينهن بحجة أن الحديث بين نساء، لكن الأمر ليس

بهذه البساطة حتى لو كان في حدود النساء طالما أنه يدور على العام وهناك من يتابع من الرجال

ويتحرك قلبه.

سقطت الحواجز، ورفعت الكلفة، وامتدت العلاقة إلى الفضفضة عن أسرار البيوت لتجد الزوج

والزوجة أحدهما غريباً عن الآخر ومستغنياً عنه بذلك الصديق «الافتراضي» القابع خلف الشاشة

تاركاً كل مهامه ليسمع منه أو يسمعه ما لديه.


ومن أمثلة تلك المنشورات النسائية التي قد تثير الرجال وتجلب متابعتهم وتعليقاتهم التي تخرج عن

دائرة الفائدة العامة لتدخل دائرة الشبهات: امرأة تكتب منشورات عاطفية ملتهبة، فيجتمع إليها ضعاف

القلوب معلقين.

وثانية تنشر بكائيات عن حياتها، فيعلق لديها من يراها صيداً سهلاً، وثالثة ترثي زوجها المتوفى

وتشكو الوحدة والأم، لتتسول مشاعر المتلاعبين بالنساء، وأخرى تنشر صورتها لتتلقى الإعجابات.

وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الوقوع في الشبهات فقال: «إن الحلال بيّن والحرام بيّن،

وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه،

ومن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وأن

لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، إلا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا

فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب» (رواه البخاري، ومسلم)، ويقول صلى الله عليه وسلم: «ما

تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء» (رواه البخاري).


رابعاً: نشر الصور الخاصة وتداولها على العام

واليوم صارت مواقع التواصل الاجتماعي مليئة بالمشكلات الاجتماعية التي تستغل فيها صور النساء

والفتيات على يد من لا يخشون الله، ليكون السؤال: كم تدفعين مقابل هذه الصور؟ ويتدخل الأزواج أو

أولياء الأمور لإنقاذ نسائهم دون جدوى بعد أن تنتشر الفضائح وتلوكهن الألسنة، كل هذا جراء نشر

صورة لها لتحصد الإعجابات وكلمات الثناء والاستحسان وبعض كلمات الغزل.

والأمر هنا لا يحتاج إلى تحريم كي تمتنع الفتيات عن وضع صورهن وعرضها للرجال، فالمشكلات

الناجمة عنها اجتماعياً دافعة وحدها لتكف المسلمة عن تلك العادة، وتحترز من تلك التصرفات غير

المسؤولة.

ومع هذا، فهناك نهي شرعي على عرض المرأة لصورتها لأنها مقدمة للكثير من المعاصي،

فالمسلمون مأمورون بغض البصر، ونشر الصورة تحول دون ذلك، يقول تعالى: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا

مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ

مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا) (النور)، وعن النبي صلى الله

عليه وسلم: «العينان تزنيان وزناهما النظر» (متفق عليه)، والصورة أدعى لإطالة النظر حيث غياب

الرقيب والمتابع.

تواصل معنا

انضم إلى نشرتنا الاخبارية

حقوق الملكية ©AATWorld 2023. جميع الحقوق محفوظة. AATWorld

من نحن

هنا في مجموعة AAT ، يتعرف التجار ورجال الأعمال والمصنعون والمستوردون والمصدرون على بعضهم البعض ويتعاونون على الرغم من المسافات والبلدان واللغات المختلفة.

الاخبار

Newsletters

لا تخسر العروض والفرص التجارية

انضم إلى قائمتنا البريدية لتلقي آخر أخبار المنتجات وتحديثات الصناعة من التجارة العربية الآسيوية

2025@ AATWorld  | جميع الحقوق محفوظة.