الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل الاقتصادات العربية

لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد تقنية واعدة، بل بات القوة الصاعدة التي ستُعيد تشكيل الاقتصاد العالمي، حيث تشير التقديرات إلى أن هذه الثورة التكنولوجية ستضخ حوالي 15.6 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي بحلول عام 2030م (وهو رقم يفوق الناتج المحلي الإجمالي الحالي للصين والهند مجتمعتين)، من المتوقع أن يأتي هذا التأثير الضخم من قفزة في الإنتاجية تقدر بحوالي 6.6 تريليونات دولار، وتحسينات وفوائد مقدمة للمستهلكين تتجاوز 9.1 تريليونات دولار.

ولكن من المتوقع أيضًا أن تستفيد بعض الاقتصادات أكثر بكثير من غيرها، حيث سيختلف مدى نجاح الدول في استخدام الذكاء الاصطناعي، وبالتالي استفادتها من مكاسب الإنتاجية اختلافًا كبيرًا.

مع تنامي تأثير الثورة الصناعية الرابعة، بدأت الحكومات والشركات العربية إدراك التحول العالمي نحو الذكاء الاصطناعي، وإعداد الإستراتيجيات الخاصة بتنظيم استخدامه ودعم دمجه في مختلف القطاعات، وتشير التقديرات إلى أن منطقة الشرق الأوسط سوف تحقق نحو 320 مليار دولار من إجمالي المكاسب العالمية للذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030م، أغلب تلك العوائد سيكون للسعودية، حيث يُقدر إسهام الذكاء الاصطناعي فيها بأكثر من 135.2 مليار دولار خلال الفترة ذاتها.

يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُحدث تحولاً جذريًا ونقله نوعية في الأسواق العربية من خلال ابتكار خدمات جديدة ونماذج أعمال جديدة كليًا، على الرغم أن تقنيات الذكاء الاصطناعي تؤدي إلى فقدان بعض الوظائف والصناعات، فإنها ستؤدي أيضًا إلى ظهور وظائف وصناعات جديدة تمامًا.

على سبيل المثال، عندما حلت الكهرباء محل البخار في المصانع لم يعد العمال بحاجة إلى التجمع حول مصدر الطاقة المركزي، وهو ما أتاح خطوط إنتاج أكثر فعالية، وبالمثل، فإن الوقت الذي يستغرقه محامٍ في صياغة عقد واحد ومراجعته، قد يتمكن الذكاء الاصطناعي من إدارة وصياغة 10 عقود، من السهل تصور أن لنشر الذكاء الاصطناعي في بعض القطاعات تأثيراً إيجابياً أكبر بكثير من المتوقع، حيث ستُحدث ثورة الذكاء الاصطناعي تغييرات هائلة في الاقتصادات⁽²⁾.

وبطبيعة الحال، تختلف إمكانات تبني الذكاء الاصطناعي باختلاف القطاعات، وقد وجدت الدراسات أن أكبر فرصة للذكاء الاصطناعي في الدول العربية تكمن في القطاع المالي، يلي ذلك قطاع الخدمات العامة، بما في ذلك التعليم والرعاية الصحية، ثم قطاع التصنيع.